تؤثّر مشاكل الخصوبة عند الرجال في فرصة حدوث الحمل، إذ تشير الجمعية الأمريكية للطب التناسلي (ASRM) إلى أنّ مشاكل الخصوبة عند الرجال لها دور في حوالي 40% من حالات تأخر الإنجاب، وتكمن أهميّة اختبارات خصوبة الرجال في الكشف عن مثل هذه المشاكل، والتي تتضمن تشوّهات في الحيوانات المنويّة، أو مشاكل في حركتها،[١] فما هي الفحوصات المُستخدمة للكشف عن مشاكل الخصوبة لدى الرجال؟



فحوصات وتحاليل الخصوبة عند الرجل

لتشخيص مشاكل الخصوبة عند الرجال يبدأ الطبيب عادةً بسؤال المريض عن عاداته الجنسيّة، وتطوره الجنسي خلال مرحلة البلوغ، فضلًا عن وجود أي أمراض موروثة، أو مشاكل صحيّة مزمنة، أو التعرُّض السابق لأية إصابات مباشرة، بالإضافة إلى سؤاله عن أية عمليات جراحيّة قد أجراها، وقد يكون لها دور في التأثير في الخصوبة، كما يُجري الطبيب فحصًا بدنيًّا للأعضاء التناسليّة للتحقق من وجود أي مشاكل،[٢] وبعدها قد يوصي الطبيب بإجراء العديد من الفحوصات، والتي تتضمن الآتي:

تحليل السائل المنوي

يعدّ تحليل السائل المنوي من الفحوصات المهمّة في تشخيص مشاكل الخصوبة عند الرجال، وفيه يُفحَص السائل المنوي المقذوف حديثًا للكشف عن التالي:[٣]

  • كمية السائل المنوي التي يقذفها الرجل.
  • تركيز الحيوانات المنوي، وهو عدد الحيوانات المنوية في كل ميليلتر من السائل المنوي.
  • إجمالي عدد الحيوانات المنوية في كامل كمية السائل المنوي المقذوفة.
  • عدد الحيوانات المنوية المتحركة، ومقارنتها مع عدد تلك غير المتحركة.
  • عدد الحيوانات المنوية الحيّة.
  • عدد الحيوانات المنوية طبيعية الشكل مقارنة بغير الطبيعية.
  • خلايا الدم البيضاء، للتحقق من وجود عدوى.
  • درجة حموضة (pH) السائل المنوي، إذ يكون قاعديًا بدرجة بسيطة في الحالات الطبيعية.
  • بروتينات الجسام المضادة التي تهاجم الحيوانات المنوية.


يجب إجراء هذا التحليل مرتين على الأقل بفاصل لا يقل عن 6 أسابيع بينهما للتحقق من النتائج، إذ يوجد بعض العوامل التي تتغير من وقت لآخر، والتي قد تؤثر في جودة السائل المنوي بشكل مؤقت كالإصابة بالمرض، أو الحمى، أو الالتهابات، ومن ثمّ تعود جودة الحيوانات المنوية إلى ما كانت عليه بعد زوال هذه المؤثّرات.[٣]


من الجدير بالعلم أنّه حتى في حال ظهور تراكيز منخفضة من الحيوانات المنوية، فإنه لا يزال بإمكان الرجل الإنجاب طبيعيًا،[٣] فعلى الرغم من أنّ ذلك يعني انخفاض احتمالية حدوث الإخصاب والحمل، إلا أنّه لا ينفيها،[٤] كما يجب الإشارة إلى أن هناك بعض مشاكل الخصوبة التي لا يتمكن تحليل السائل المنوي من الكشف عنها، لذلك قد يوصي الطبيب بإجراء العديد من الفحوصات الأخرى.[٣]


خزعة الخصية

تساعد خزعة الخصية على معرفة سبب العقم عند الذكور، وتُجرى عادةً باستخدام إبرة دقيقة ومجهر لإزالة بعض الأنسجة من الخصيتين، وفحصها تحت المجهر، ويوصي الطبيب بإجرائها عادةً عندما يظهر فحص تحليل السائل المنوي نتائج غير طبيعية، في حين تظهر الفحوصات الأخرى نتائج طبيعية، وتعجز عن إيجاد مُسبِّب النتائج غير الطبيعية في تحليل السائل المنوي، إذ تهدف خزعة الخصية لتحقق من وجود أي حيوانات منوية في شبكة الأوعية الموجودة في الخصيتين؛ ففي بعض الحالات قد يكون نمو الحيوانات المنوية طبيعيًّا في الخصية، ولكن عند استخدام تحليل السائل المنوي يظهر نقص في الحيوانات المنوية أو عدم وجودها، وهذا قد يشير إلى انسداد الأنابيب الموجودة في الخصيتين والناقلة للحيوانات المنوية أثناء عملية القذف.[٥][٦]


فحوصات الهرمونات

تُجرى فحوصات الهرمونات بسحب عينة دم للتحقق من مستويات هرمون التستوستيرون والهرمونات الأخرى الجنسية التي تساهم في إنتاج الحيوانات المنوية والتطور الجنسي لدى الذكور، فقد يساهم الخلل في مستويات الهرمونات في انخفاض الخصوبة، فيساعد هذا التحليل على معرفة مدى كفاءة عمل الخصيتين في إنتاج الحيوانات المنوية، فعلى سبيل المثال في حال أظهر فحص الهرمون المنشط للحوصلة (FSH) -وهو الهرمون الذي تفرزه الغدة النخامية؛ لتحفيز الخصيتين على إنتاج الحيوانات المنوية- مستويات أعلى من الطبيعي، فإن هذا قد يشير إلى عجز الخصيتين عن إنتاج كميات كافية من الحيوانات المنوية، على الرغم من محاولة الغدة النخامية تعويض ذلك بإنتاج المزيد من هذا الهرمون لتحفيز الخصيتين على إنتاج كمية كافية من الحيوانات المنوية.[٧][٨]


تجدر الإشارة إلى أنّ هذا الفحص قد يكشف أيضًا عن اضطراب الهرمونات الأخرى غير الجنسية، والتي قد تؤثر أيضًا في خصوبة الرجل، مثل: مشاكل القدة الدرقية.[٧][٩]


اختبارات إضافية

قد لا يكتفي الطبيب بالفحوصات السابقة، ويتطلب الأمر إجراء بعض الفحوصات الإضافية، ومنها ما يلي:

  • الاختبارات الجينيّة: تكمن أهمية هذه الاختبارات في الكشف عن السبب الوراثي لمشاكل الخصوبة، والذي قد يؤدي أحيانًا لانخفاض تركيز الحيوانات المنوية بشكل كبير، وتنطوي على سحب عينة من الدم يمكن من خلالها الكشف عن أي طفرات أو تغيرات طفيفة في الكروموسوم الذكري Y، كما تُطلب هذه الاختبارات لتشخيص الإصابة بالأمراض الخلقية أو الموروثة المؤثرة في الخصوبة.[٢]
  • اختبار الكشف عن عدوى الكلاميديا: يُجرى هذا الفحص بأخذ عينة من البول، أو مسحة من الإحليل -مجرى خروج البول من الجسم- لدى الرجل للتحقق من الإصابة بعدوى الكلاميديا، وهي أحد أنواع العدوى البكتيرية المنقولة جنسيًّا، والتي تساهم في خفض الخصوبة لدى الرجال، وتجدر الإشارة إلى أنّها قد لا تُسبِّب ظهور أية أعراض، لذا لا بد من إجراء الاختبار للكشف عن الإصابة بها.[١٠][١١]
  • الأشعة فوق الصوتية أو ما يُعرَف بالسونار: تُستخدم أشعة الموجات الفوق صوتية لالتقاط صور للأعضاء التناسلية الذكرية، كغدة البروستاتا للتحقق من سلامتها.[٥]
  • التصوير بالموجات فوق الصوتية لكيس الصفن: يجرَى هذا الفحص للتحقُّق من وجود أي انسداد داخل الخصية،[١] كما يساعد عن الكشف عن الإصابة بدوالي الخصية، وهي انتفاخ الأوردة التي تنقل الدم من الخصيتين، وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه من المشاكل القابلة للعلاج.[٧]
  • التصوير بالموجات فوق الصوتيّة عبر المستقيم: (بالإنجليزية: Transrectal Ultrasound) يهدف هذا الفحص للتحقق بكثب من صحّة وسلامة قنوات القذف التي تنقل السائل المنوي، والحويصلات المنوية،[١] وهي غدد تشبه الكيس تطلِّق جزءًا من السائل المكوّن للسائل المنوي.[١٢]
  • تحليل البول بعد القذف: (بالإنجليزية: Post-ejaculation urinalysis) من الممكن أن يكشف هذا الفحص عن إصابة الرجل بما يسمى بالقذف المُرتجع (بالإنجليزية: Retrograde ejaculation)، وهو عبور الحيوانات المنوية مسارًا معاكسًا للمسار الطبيعي، فتعود إلى المثانة بدلًا من خروجها عبر القضيب أثناء القذف، ففي حال الإصابة بذلك تظهر الحيوانات المنوية في البول أثناء الاختبار.[١٣]
  • الأجسام المضادة للحيوانات المنوية: من العوائق التي تقلل فرص الإنجاب هي إنتاج الجسم أجسامًا مضادة غير طبيعيّة تهاجم الحيوانات المنوية في طريقها لتخصيب البويضة، فيتحقق هذا الفحص من وجود هذه الأجسام في الدم، أو السائل المنوي، أو الإفرازات المهبلية للزوجة، إذ تُنتَج الأجسام المضادة عندما تتعرَّض الحيوانات المنوية لرد فعل من الجهاز المناعي، ففي الأحوال الطبيعية تحمي الخصيتين الحيوانات المنوية من التعرّض للجهاز المناعي، لكن في بعض الحالات كإصابة البروستات بالعدوى، أو التعرَُّض للإصابات الجسدية المباشرة، أو الخضوع لبعض للعمليات الجراحية يتم إنتاج هذه الأجسام، وفي بعض الحالات النادرة قد تُنتَج هذه الأجسام نتيجة تحسُّس الزوجة من السائل المنوي للرجل.[١٤][١٥]
  • اختبارات وظائف الحيوانات المنوية المتخصصة: وهي مجموعة من الفحوصات التي تُطلب أحيانًا، ولا تؤثّر في توصيات العلاجات غالبًا، ولكنها قد تساعد على التحقق من وجود أي مشاكل متعلقة بالحيوان المنوية مثل: قدرته على اختراق البويضة، والاتصال بها، ومدى بقائه على قيد الحياة بعد القذف.[٢]
  • اختبار تلاصق الحيوانات المنوية: (بالإنجليزية: Sperm agglutination) ينطوي هذا الفحص على استخدام المجهر للتحقق ما إذا كانت الحيوانات المنوية متكتلة مع بعضها، إذ إن تلاصقها أو تكتّلها معًا يمنعها من السباحة عبر عنق الرحم، وهذا من شأنه تقليل الخصوبة.[١٦]
  • اختبار اختراق الحيوانات المنوية: في حالات نادرة قد يوصي الطبيب بإجراء هذا الفحص للتحقُّق من قدرة الحيوانات المنوية على اختراق البويضة، ويُجرى هذا الفحص بالمختبر باستخدام بيضة أنثى الهامستر.[١٦]
  • اختبار هاميزونا: (بالإنجليزية: Hemizona assay) وهو اختبار يهدف إلى تحديد قدرة الحيوان المنوي على اختراق الطبقة الخارجية الصلبة للبويضة، ويُجرى هذا الفحص باستخدام بويضة بشرية مقسومة إلى نصفين،[١٦] فأحد هذين النصفين يتعرض لحيوانات منوية من شخص طبيعي، في حين يتعرض النصف للآخر لحيوانات منوية من الشخص الذي يُجرى عليه الاختبار، وهذا يسمح للطبيب بالمقارنة بين الحالتين.[١٧]
  • تفاعل الأكروسوم: (بالإنجليزية: Acrosome reaction) يساعد هذا الفحص على تحديد قدرة رؤوس الحيوانات المنوية على إجراء التغييرات الكيميائية اللازمة لإذابة القشرة الخارجية الصلبة للبويضة.[١٦]

متى ينبغي إجراء اختبار الخصوبة للرجال؟

يوصي الطبيب غالبًا بإجراء اختبارات الخصوبة لدى الرجال في حال لم يحدث الحمل خلال سنة من المحاولة، أو بعد 6 أشهر من المحاولات عند تجاوز عمر الزوجة 35 عامًا، ففي هذه الحالة يوصي الطبيب بإجراء اختبارات الخصوبة لكل من المرأة والرجل.[١]


هل من الممكن علاج مشاكل الخصوبة عند الرجل؟

غالبًا يمكن علاج مشاكل الخصوبة عند الرجل باستخدام الأدوية، وأحيانًا قد يوصي الطبيب بإجراء العمليات الجراحية، ويختلف العلاج باختلاف المُسبِّب، لكن في بعض الحالات النادرة يصعب علاج هذه المشاكل.[٨][٧]


ما هو اللون الطبيعي للسائل المنوي؟

عادة ما يكون لون السائل المنوي أبيض عكر، بطبيعة هلامية تشبه البيض النيء، كما أنّ له رائحة شبيهة برائحة المبيضات.[١٨]


المراجع

  1. ^ أ ب ت ث "Fertility Testing & Diagnosis for Men", womenandinfants, Retrieved 25/3/2021. Edited.
  2. ^ أ ب ت "Male infertility", mayoclinic, Retrieved 25/3/2021. Edited.
  3. ^ أ ب ت ث "Semen analysis for infertility", healthymale, Retrieved 25/3/2021. Edited.
  4. ↑ "Low sperm count", NHS, 7/8/2022, Retrieved 27/4/2021. Edited.
  5. ^ أ ب "Infertility in men", betterhealth, Retrieved 25/3/2021. Edited.
  6. ↑ "Testicular biopsy", mountsinai, Retrieved 29/4/2021. Edited.
  7. ^ أ ب ت ث "Male infertility", middlesexhealth, Retrieved 29/4/2021. Edited.
  8. ^ أ ب "What is Male Infertility?", Urology Care Foundation, Retrieved 25/4/2021. Edited.
  9. ↑ Elzbieta Krajewska-Kulak and Pallav Sengupta (13/11/2013), "Thyroid Function in Male Infertility", NCBI, Retrieved 5/5/2021. Edited.
  10. ↑ you're a man,provide a clean catch sample. "Chlamydia Test", medlineplus, Retrieved 29/4/2021. Edited.
  11. ↑ "The value of testing semen for Chlamydia trachomatis in men of infertile couples", pubmed, Retrieved 29/4/2021. Edited.
  12. ↑ "Overview of the Male Anatomy", hopkinsmedicine, Retrieved 29/4/2021. Edited.
  13. ↑ "Male Infertility", sparrow, Retrieved 13/4/2021. Edited.
  14. ↑ "Fertility Tests for Men", webmd, Retrieved 25/3/2021. Edited.
  15. ↑ Sarah Marshall, Anne C. Poinier, Gregory Thompson, etal (11/2/2020), "Antisperm Antibody Test", MyHealth.Alberta. Edited.
  16. ^ أ ب ت ث "Male Fertility Testing", americanpregnancy, Retrieved 13/4/2021. Edited.
  17. ↑ Sergio Oehninger (8/2013), "The Hemizona Assay for Assessment of Sperm Function", ResearchGate, Retrieved 25/4/2021. Edited.
  18. ↑ "Why does semen color change and what does it mean?", medicalnewstoday, Retrieved 13/4/2021. Edited.