قد تتراوح عُيوب القلب الخَلقية لدى الأطفال بين عيوب بسيطة وقد لا تحتاج لعلاج، وعيوبٍ معقّدة وتحتاج إلى العديد من العمليات الجراحية على مدى سنوات، ويُمكن الكشف عن بعض حالات عيوب قلب الجنين الخَلقية قبل الولادة، مما يسمح بتدخل طبي أو جراحي بشكلٍ أسرع عند ولادة الطفل إذا لزم الأمر، وسيُساعدك هذا المقال على معرفة أبرز الأمور المُتعلقة بأمراض القلب عند الجنين.[١][٢]
أمراض القلب عند الجنين
يُشير مُصطلح الأمراض الخَلقية لقلب الجنين إلى وُجود خلل في القلب والذي قد يكون خللًا في بُنية القلب، أو اضطراب في ضَرَبات قلب الجنين، أو مُشكلة وظيفية في امتلاء القلب بالدّم أو انقباضه،[٣] وفي هذا السياق يُشار إلى أنّ الأسابيع الأولى من الحمل تعد مُهمة في تطوّر قلب الجنين، حيث يبدأ قلبه بالخفقان بعد 22 يوماً تقريبًا من الحمل، ويكون القلب في البداية على شكل أنبوب، بحيث يلتفّ وينقسم ليشكل حجرات القلب، وفي نهاية الأسبوع التاسع، يتشكّل القلب بالكامل، وخلال هذه الفترة من التطور قد تنشأ العيوب الخَلقية في قلب الجنين والتي قد تحدث بسبب عدم التفاف القلب أو عدم انقسامه بالشكل الطبيعي.[٤][٥]
أسباب أمراض القلب عند الجنين
لا يمكن دائمًا تحديد السبب وراء حُدوث العيوب الخَلقية في قلب الجنين، ولكن يُعتقد بأنّ هُناك أسباباً محتملة لحدوثها، والتي نذكر منها ما يأتي:[٦]
- مشاكل جينية أو كروموسومية لدى الطفل، مثل متلازمة داون.
- إصابة الأم بعدوى فيروسية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل؛ مثل الحصبة الألمانية.[٦]
- أخذ أدوية مُعينة خلال الحمل دون استشارة الطبيب؛ مثل مضادات التخثر أو مضادات الصرع.[٧]
يجدُر الذّكر أن هناك عوامل من شأنها أن تزيد احتمالية إصابة الجنين بعيب خَلقي في القلب؛ مثل إصابة الأم بالسكري خلال الحمل، أو وجود سيرة مرضية عائلية لإصابة الأجنة بعيوب القلب الخلقية،[٧] أو التدخين.[٨]
أنواع أمراض القلب عند الجنين
كما تمّت الإشارة سابقًا فإنّ أمراض القلب عند الجنين تنقسم إلى أمراض بُنيوية؛ أي عيوب خَلقية في بُنية القلب، أو أمراض اعتلال عضلة القلب التي ينجم عنها قصور في ضخ الدم بكفاءة إلى باقي أجزاء الجسم، أو عدم انتظام ضَرَبات قلب الجنين؛ حيث تكون سريعة، أو بطيئة، أو غير منتظمة،[٤] وتُعد عيوب القلب البُنيوية هي الأكثر شيوعًا،[٤] ويُمكن تقسيم أمراض القلب الخلقية عند الجنين إلى فئات، نُبينها كما يأتي:[٩]
المشاكل التي تُؤدي إلى ضخ كمّية كبيرة من الدم عبر الرئتين
من المفترض أن يتم ضخ هذا الدم الغني بالأكسجين إلى كافة أنحاء الجسم، ولكن بسبب وجود عيوب في القلب تتمّ إعادة ضخ هذه الكمية إلى الرئتين مما يسبب الضّغط والإجهاد في الرئتين، ونذكر من هذه العيوب ما يأتي:[٩]
- القناة الشريانية السالكة (Patent Ductus Arteriosus).
- عيب الحاجز الأذيني (Atrial Septal Defect).
- عيب الحاجز البطيني (Ventricular Septal Defect).
- عيب القناة الأذينية البطينية (Atrioventricular Canal Defect).
المشاكل التي تسبّب نقص شديد في ضخ الدم عبر الرئتين
تُمثل الرئتان المكان الذي تتم فيه أكسدة الدم، أي يحصل فيه على الأكسجين، وفي حال وجود عيوب مُعينة فإنّ ذلك قد يتسبّب بضخ الدم غير المؤكسد إلى الجسم، فلا يحصل الجسم على كمية كافية من الأكسجين، وينتج عن ضخ الدم غير المؤكسد ازرقاق لون الطفل، ومن أبرز هذه العيوب ما يأتي:[٩]
- رتق الصمّام ثلاثي الشرف: (Tricuspid Atresia) وفي هذه الحالة لا يتشكل هذا الصمام، ويكون بحاجة إلى إجراء جراحي لعلاجه.
- رتق الصمّام الرئوي: (Pulmonary Atresia) بحيث يكون الصمام الرئوي أو الشريان الرئوي غير مكتمل النمو.
- انقلاب وضع الأوعية الدموية الكبيرة: (Transposition of the great vessels).
- رُباعية فالو: (Tetralogy of Fallot) والتي تجتمع فيها أربعة عيوب، هي عيب الحاجز البطيني، وتضيق الصمام الرئوي، وتضخم البطين الأيمن، والأبهر الممتطي ويعني ذلك وقوع الشريان الأبهر فوق عيب الحاجز البطيني.
- البطين الأيمن ذو المخرجين: (Double Outlet Right Ventricle).
- الجذع الشرياني: (Truncus Arteriosus) وتتمثل هذه الحالة بوجود اتصال كبير بين الشريان الأبهر والشريان الرئوي، ففي الوضع الطبيعي ينقسم الوعاء الرئيسي المنفرد إلى شريانيين منفصلين بشكلٍ تامّ، أمّا في حالة الجذع الشرياني فإنّ هناك مشكلة في ذلك تُبقي على اتصال بين هذين الشريانين.
المشاكل التي تسبب ضخ كمية قليلة من الدم إلى الجسم
قد يُعاني الجنين في بعض الحالات من ضخ كمية قليلة من الدم إلى الجسم، ويُعزى ذلك إلى عدم اكتمال نمو حجرات القلب، أو انسداد في الأوعية الدموية، ومن العيوب المُسببة لذلك:[١٠]
- تضيق الشريان الأبهر (Aortic coarctation).
- تضيق الصمام الأبهري (Aortic Stenosis).
- متلازمة القلب الأيسر ناقص التنسُّج (Hypoplastic Left Heart Syndrome)، والذي يحدث فيها تشوهات عديدة في القلب والأوعية الدموية الرئيسية.
أعراض أمراض القلب عند الجنين
يمكن بيان أعراض أمراض القلب عند الجنين بحسب شدة العيب على النحو التالي:[١]
- عيوب القلب الخلقية الشديدة: تظهر عيوب القلب الخلقية الشديدة عادةً بعد فترة وجيزة من الولادة أو خلال الأشهر القليلة الأولى، وقد تتضمن أعراضها ما يأتي:[١]
- لون الجلد الشاحب أو الأزرق.
- التنفّس السريع.
- انتفاخ في الساقين، أو البطن، أو المنطقة المُحيطة بالعينين.
- ضيق التنفّس أثناء الرضاعة، والذي ينتج عنه بطء اكتساب الوزن.
- عيوب القلب الخلقية الأقل خطورة: فيما يتعلق بعيوب القلب الخلقية الأقل خطورة فعادةً لا يتمّ تشخيصها حتّى في وقتٍ لاحق من عمر الطفل، وقد تشمل الأعراض ما يأتي:[١]
- التعب بسهولة، أو الإغماء، أو الشعور بضيق التنفس أثناء ممارسة الأنشطة الرياضة.
- انتفاخ في اليدين، أو القدمين، أو الكاحلين.
تشخيص أمراض القلب عند الجنين
يتم الكشف عن العديد من أمراض القلب الخَلقية الخطيرة أثناء الحمل، وذلك عبر إجراء الفحص بالموجات فوق الصوتية، أمّا العيوب الأقل خطورة، فقد لا يتم تشخيصها حتى يكبر الطفل وتبدأ الأعراض بالظهور،[١٠]وقد يستعين الطبيب بإجراء يُعرف بتخطيط صدى قلب الجنين لفحص جنينكِ أثناء الحمل، ويستخدم هذا الفحص الموجات فوق الصوتية لتكوين صورة لقلب الطفل وهو ما يزال في رحمكِ، ويمكن إجراء هذا الفحص بين الأسبوعين 18 و24 من الحمل، وقد يلجأ الطبيب إلى هذا الفحص في الحالات التالية:[١١]
- عدم انتظام ضربات قلب الجنين عند إجراء الفحص بالموجات فوق الصوتية.
- وجود مشكلة جينية أو كروموسومية لدى الجنين، مثل متلازمة داون، والتي قد يرافقها حدوث عيوب خلقية في القلب.
- وجود تاريخ عائلي للإصابة بأمراض القلب.
- تشخيص الأم بحالات مرضية مُعينة، مثل السكري.
- تناولكِ لأدوية قد تزيد خطر إصابة جنينكِ بعيوب القلب الخلقية.
أما بعد الولادة فقد يطلب الطبيب أيّ من هذه الفحوصات لطفلكِ بحسب الحاجة لها:[٨]
- مخطط صدى القلب.
- تخطيط القلب الكهربائي.
- تصوير الصدر بالأشعة السينية.
- قياس التأكسج النبضي (Pulse Oximetry)، والذي يقيس مستوى الأكسجين في دم الطفل.
- قسطرة القلب، والتي تُمكّن من إعطاء تفاصيل أكثر دقة من مخطط صدى القلب، وقد تُستخدم للإجراءات التشخيصية أو العلاجية.
- تصوير القلب والأوعية الدموية بالرنين المغناطيسي.
الوقاية من أمراض القلب عند الجنين
قد لا يكون بالإمكان منع حدوث هذه العيوب في القلب نظرًا لأنّ السبب الدقيق لحدوث ذلك قد لا يكون معروفًا، ولكن هُناك بعض الإرشادات التي قد تُساهم في تقليل خطر إصابة طفلكِ بها:[١]
- احصلي على لقاح الحصبة الألمانية قبل الحمل.
- تابعي مع طبيبكِ لتحقيق السيطرة على الأمراض المزمنة لديكِ، مثل السكري، إذا كنتي مشخصة بها مسبقًا، وناقشي مع طبيبكِ تأثير أي من أدوية الأمراض المزمنة على الحمل.
- تجنبي المواد الضارة، مثل الطلاء والمواد الكيماوية مثل المنظفات، ولا تتناولي أيّ أعشاب، أو أدوية، أو مكملات غذائية دون استشارة الطبيب، وابتعدي عن التدخين وشرب الكحول.
- ناقشي مع طبيبكِ إمكانية أخذ الفيتامينات المتعددة مع حمض الفوليك، حيث إنّ استهلاك 400 ميكروغرام يوميًا من حمض الفوليك قد يقلل مخاطر الإصابة بالعيوب الخلقية في الدماغ والحبل الشوكي والقلب.
علاج أمراض القلب عند الجنين
يعتمد علاج عيوب القلب الخَلقية على نوع العيب لدى الطفل، فقد لا تحتاج العيوب الخفيفة مثل ثقوب القلب إلى علاج وربما تتحسن من تلقاء نفسها مع مرور الوقت دون أن تسبب أي مشاكل، أمّا إذا كان العيب الخَلقي شديدًا فقد يكون العلاج عن طريق العمليات الجراحية أو الإجراءات التداخلية، ويحتاج هؤلاء الأطفال الاستمرار بزيارة طبيب القلب طوال حياتهم لمتابعة أي تطورات تطرأ على حالتهم الصحية.[١٢]
المراجع
- ^ أ ب ت ث ج "Congenital heart defects in children", mayoclinic, Retrieved 9/1/2021. Edited.
- ↑ "Detection of a Heart Defect in the Fetus", heart, Retrieved 9/1/2021. Edited.
- ↑ "Congenital Heart Disease", ucsf, Retrieved 9/1/2021. Edited.
- ^ أ ب ت "Fetal Heart Conditions Cared for by the Fetal Cardiology Program", childrenscolorado, Retrieved 9/1/2021. Edited.
- ↑ "Fetal Echocardiography / Your Unborn Baby's Heart", heart, Retrieved 9/1/2021. Edited.
- ^ أ ب "Congenital Heart Disease Explained", webmd, Retrieved 9/1/2021. Edited.
- ^ أ ب "Congenital heart disease", bhf, Retrieved 9/1/2021. Edited.
- ^ أ ب "Congenital heart defects in children"، mayoclinic، اطّلع عليه بتاريخ 9/1/2021. Edited.
- ^ أ ب ت "Congenital Heart Disease", stanfordchildrens, Retrieved 9/1/2021. Edited.
- ^ أ ب "Congenital Heart Disease", chop, Retrieved 9/1/2021. Edited.
- ↑ "CONGENITAL HEART DEFECTS AND CRITICAL CHDS", marchofdimes, Retrieved 9/1/2021. Edited.
- ↑ "Congenital heart disease", nhs, Retrieved 9/1/2021. Edited.